-->
Ahmed Alzubairy blogger  Ahmed Alzubairy blogger
recent

آخر التدوينات

recent
جاري التحميل ...

أهمية تعليم حقوق الإنسان في بناء السلام المجتمعي




أهمية تعليم حقوق الإنسان في بناء السلام المجتمعي
*أحمد الزبيري
ahmedz2030@gmail.com

"يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام"[1].

تعتبر المحافظة على حقوق الإنسان هي حجر الأساس في استقرار أي مجتمع، فأينما وجدت مجتمعًا مستقرًا وجدت إنسانًا مطمئنًا على حقوقه. كما أن تعليم حقوق الإنسان لكل فرد من أفراد المجتمع وإدخالها في ثقافته وتحويلها إلى واقع وممارسات عملية ، له أثر كبير في تعزيز فهم حقوقه أولاً، واحترامها والحفاظ عليها والشعور بالكرامة والحرية ثانيًا ، مما يدفعه إلى المشاركة بفعالية في تنمية وطنه ورفاهية مجتمعه وحفظ السلام.
وهكذا فإن "ثمة علاقة متبادلة بين حقوق الإنسان ومنع حدوث النزاع. وتعتبر انتهاكات حقوق الإنسان سبباً جذرياً للنزاع، وتعتبر أيضاً إحدى عواقبه المألوفة"[2]

وتعليم حقوق الإنسان في المجتمعات يمكنني تعريفه بأنه  "كل سبل التعلّم التي تؤدي إلى تطوير معرفة ومهارات وقيم حقوق الإنسان فيها"، ويتناول تعليم حقوق الإنسان تقدير المتعلّم وفهمه لهذه المبادئ التي يشكل عدم مراعاتها مشكلة للمجتمع المعني. فإنه على مستوى البلدان يمكننا ملاحظة وجود مناهج مختلفة جداً لاستخدام تعليم حقوق الإنسان في معالجة تحديات شائعة في مجالي حقوق الإنسان والتنمية.

 ففي البلدان النامية -والتي تصنف معظم الدول العربية منها- مثلاً غالباً ما يتم ربط تعليم حقوق الإنسان بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وحقوق المرأة. وفي البلدان التي كانت تخضع سابقاً للحكم الاستبدادي أو السلطوي، يكون تعليم حقوق الإنسان مرتبطاً غالب الأحيان بتطوير المجتمع المدني والبنى التحتية المتعلقة بسيادة حكم القانون وحماية حقوق الأفراد والأقليات. أما في البلدان الأقدم عهداً بالديمقراطية، فغالباً ما يتم ربط هذا الأمر بهيكلية السلطة في البلد ويتم توجيهه باتجاه الإصلاح في بعض المجالات مثل مجال إصلاح القانون الجزائي، والحقوق الاقتصادية وقضايا اللاجئين. ويبدو أن تعليم حقوق الإنسان يلعب دوراً خاصاً في المجتمعات في المرحلة التي تعقب النزاعات. هذه الأمثلة تركّز على مشاكل وقضايا حقوق الإنسان على مستوى المجتمع.

وينبغي أن يركز تعليم حقوق الإنسان في البلدان العربية على تقوية أواصر الصداقة والتضامن بين الشعوب، وتعزيز احترام حقوق الآخرين، وصيانة التعدد والتنوع الثقافي وازدهار الثقافات القومية لكل الجماعات والشعوب، وإغناء ثقافة الحوار والتسامح المتبادل ونبذ العنف والإرهاب، وتعزيز اللاعنف ومناهضة التعصب وإكساب جميع الناس مناعة قوية ضد خطاب الكراهية.

وما حدث في 2011 م في ثورات الربيع العربي كان سببه الرئيسي انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة المتمثلة في مصادرة حقوق الأفراد والأقليات ، وحرية التعبير التي صادرها الاستبداد السياسي، فقامت تلك الأقليات بتلك الثورات من أجل استعادة حقوقها المصادرة ، ولكن ما حصل من انقلابات في بلدان مثل ليبيا ومصر وسوريا واليمن بعد تلك الثورات كان سببه الرئيسي الجهل المجتمعي بأهمية حقوق الإنسان والتي أدت إلى تلك النزاعات والانتهاكات  الصارخة والمؤيدة من قبل الأنظمة الفاسدة وأتباعها.

كل هذا يجعل من اللازم التوجه دولياً نحو تعزيز قيم ومفاهيم وممارسات حقوق الإنسان في مناهج التعليم من أجل خلق جو آمن ومستقر يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما ينبغي أن يركّز تعلّم حقوق الإنسان بالضرورة على الفرد في اكتساب المعرفة والقيم والمهارات التي تتعلق بتطبيق نظام قيم حقوق الإنسان في علاقة الشخص مع أفراد عائلته ومجتمعه. واكساب بعض المهارات الإنسانية التي تؤدي إلى إدراك تحيّز الشخص ضد أفراد في مجتمعه، وتقبّل الفوارق الموجودة بين أفراد ذلك المجتمع، وتحمّل مسؤولية الدفاع عن حقوق الآخرين، والتوسط في حل النزاعات والعمل على حلّها. 

بالإضافة إلى ذلك ينبغي على العاملين في وضع وتنظيم برامج تعليم حقوق الإنسان أن يأخذوا في الحسبان المضامين الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية في عملهم، وكذلك التأثير الذي يمكن لمثل هذا التعليم أن يحدثه في مجال التحوّل الاجتماعي، إذا تم التركيز في تصميم وبناء تلك البرامج على المراحل التعليمية المبكرة، وادخالها في المناهج التعليمية في المدارس. 

ويلعب التعليم في الواقع دور معقّد وصعب في الدفاع عن حقوق الإنسان، ودعم التنمية الإنسانية وتعزيز المجتمع المدني. كي يسهم تعليم حقوق الإنسان بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في بلداننا، التي ستساهم في تشييد وبناء دعائم السلم المجتمعي مستفيدين من فهم النماذج المتميزة لتعليم حقوق الإنسان المطبقة عملياً، وصلتها باستراتيجيات التغيير الاجتماعي وإرساء السلام في المجتمعات. [3]


([1]) الفقرة 2 من المادة 26 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
([2]) تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن التقدم المتحقق بشأن النزاعات المسلحة (2006)
([3]) تشير دراسة من جامعة أونيونتا في نيويورك عام 2000م إلى أن 40% من مدارس الولايات المتحدة المشمولة في الدراسة تعتمد مادة حقوق الإنسان ضمن برامج التعليم القياسية فيها، وتربطها بمواضيع أخرى.

1 تعليق على موضوع : أهمية تعليم حقوق الإنسان في بناء السلام المجتمعي

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    Ahmed Alzubairy blogger

    2017